Rabu, 05 Oktober 2011

محل النية


محل النية
من محمد زمراني

محلها القلب في كل موضع لأن حقيقتها القصد مطلقا وقيل المقارن للفعل وذلك عبارة عن فعل القلب قال البيضاوي النية عبارة عن انبعاث القلب نحو ما يراه موافقا من جلب نفع أو دفع ضر حالا أو مآلا والشرع خصصه بالإرادة المتوجهة نحو الفعل لابتغاء رضا الله تعالى وامتثال حكمه والحاصل أن هنا أصلين الأول أنه لا يكفي التلفظ باللسان دونه والثاني أنه لا يشترط مع القلب التلفظ أما الأول فمن فروعه لو اختلف اللسان والقلب فالعبرة بما في القلب فلو نوى بقلبه الوضوء وبلسانه التبرد صح الوضوء أو عكسه فلا وكذا لو نوى بقلبه الظهر وبلسانه العصر أو بقلبه الحج وبلسانه العمرة أو عكسه صح له ما في القلب ومنها إن سبق لسانه إلى لفظ اليمين بلا قصد فلا تنعقد ولا يتعلق به كفارة أو قصد الحلف على شيء فسبق لسانه إلى غيره هذا في الحلف بالله فلو جرى مثل ذلك في الإيلاء أو الطلاق أو العتاق لم يتعلق به شيء باطنا ويدين ولا يقبل في الظاهر لتعلق حق الغير به وذكر الإمام في الفرق أن العادة جرت بإجراء ألفاظ اليمين بلا قصد بخلاف الطلاق والعتاق فدعواه فيهما تخالف الظاهر فلا يقبل قال وكذا لو اقترن باليمين ما يدل على القصد وفي البحر أن الشافعي نص في البويطي على أن من صرح بالطلاق أو الظهار أو العتاق ولم يكن له نية لا يلزمه فيما بينه وبين الله تعالى طلاق ولا ظهار ولا عتق ومنها أن يقصد لفظ الطلاق أو العتق دون معناه الشرعي بل يقصد معنى له آخر أو يقصد ضم شيء إليه برفع حكمه وفيه فروع بعضها يقبل فيه وبعضها لا وكلها لا تقتضي الوقوع في نفس الأمر لفقد القصد القلبي قال الفوراني في الإبانة الأصل أن كل من أفصح بشيء وقبل منه فإذا نواه قبل فيما بينه وبين الله تعالى دون الحكم وقال نحوه القاضي حسين والبغوي والإمام في النهاية وغيرهم وهذه أمثلته قال أنت طالق ثم قال أردت من وثاق ولا قرينة لم يقبل في الحكم ويدين فإن كان قرينة كأن كانت مربوطة فحلها وقال ذلك قبل ظاهرا مر بعبد له على مكاس فطالبه بمكسه فقال إنه حر وليس بعبد وقصد التخلص لا العتق لم يعتق فيما بينه وبين الله تعالى كذا في فتاوي الغزالي قال الرافعي وهو يشير إلى أنه لا يقبل ظاهرا قال في المهمات وقياس مسألة الوثاق أن يقبل لأن مطالبة المكاس قرينة ظاهرة في إرادة صرف اللفظ عن ظاهره ورد بأنه ليس قرينة دالة على ذلك وإنما نظير مسألة الوثاق أن يقال له أمتك بغي فيقول بل حرة فهو قرينة ظاهرة على إرادة العفة لا العتق انتهى زاحمته امرأة فقال تأخري يا حرة وكانت أمته وهو لا يشعر أفتى الغزالي بأنها لا تعتق قال الرافعي فإن أراده في الظاهر فيمكن أن يفرق بأنه لا يدري من يخاطب هاهنا وعنده أنه يخاطب غير أمته وهناك خاطب العبد باللفظ الصريح وفي البسيط أن بعض الوعاظ طلب من الحاضرين شيئا فلم يعطوه فقال متضجرا منهم طلقتكم ثلاثا وكانت زوجته فيهم وهو لا يعلم فأفتى إمام الحرمين بوقوع الطلاق قال الغزالي وفي القلب منه شيء قال الرافعي ولك أن تقول ينبغي أن لا تطلق لأن قوله طلقتكم لفظ عام وهو يقبل الاستثناء بالنية كما لو حلف لا يسلم على زيد فسلم على قوم هو فيهم واستثناه بقلبه لم يحنث وإذا لم يعلم أن زوجته في القوم كان مقصوده غيرها وقال النووي ما قاله الإمام والرافعي عجيب أما العجب من الرافعي فلأن هذه المسألة ليست كمسألة السلام على زيد لأنه هناك علم به واستثناه وهنا لم يعلم بها ولم يستثنها واللفظ يقتضي الجميع إلا ما أخرجه ولم يخرجها وأما العجب من الإمام فلأن الشرط قصد لفظ الطلاق بمعنى الطلاق ولا يكفي قصد لفظ من غير قصد معناه ومعلوم أن الواعظ لم يقصد معنى الطلاق فينبغي أن لا تطلق لذلك لما ذكره الرافعي قال في المهمات ونظير ذلك ما حكيناه عن الغزالي في مسألة تأخري يا حرة أنها لا تعتق وقال البلقيني فتح الله بتخريجين آخرين يقتضيان عدم وقوع الطلاق أحدهما أن يخرج ذلك على من حلف لا يسلم على زيد فسلم على قوم هو فيهم وهو لا يعلم أنه فيهم والمذهب أنه لا يحنث وهذه غير مسألة الرافعي التي قاس عليها فإنه هناك علم واستثني وهنا لم يعلم أصلا الثاني أن الطلاق لغة الهجر وشرعا حل قيد النكاح بوجه مخصوص ولا يمكن حمل كلام الواعظ على المشترك لأنه هنا متعذر لأن شرط حمل المشترك على معنييه أن لا يتضادا فتعينت اللغوية وهو لا يفيد إيقاع الطلاق على زوجته بل لو صرح فقال طلقتكم وزوجتي لم يقع الطلاق عليها كما قالوه في نساء العالمين طوالق وأنت يا فاطمة من جهة أنه عطف على نسوة لم تطلق انتهى قال يا طالق وهو اسمها ولم يقصد الطلاق لم تطلق وكذا لو كان اسمها طارقا أو طالبا وقال قصدت النداء فالتف الحرف قال أنت طالق ثم قال أردت إن شاء زيد أو إن دخلت لدار دين ولم يقبل ظاهرا قال كل امرأة لي طالق وقال أردت غير فلانة دين ولم يقبل ظاهرا إلا لقرينة بأن خاصمته وقالت تزوجت فقال ذلك وقال أردت غير المخاصمة ولو وقع ذلك في اليمين قبل مطلقا كأن يحلف لا يكلم أحدا ويريد زيدا أو لا يأكل طعاما ويريد شيئا معينا قال أنت طالق ثم قال أردت غيرها فسبق لساني إليها دين قال طلقتك ثم قال أردت طلبتك دين قال أنت طالق إن كلمت زيدا ثم قال أردت إن كلمته شهرا قال الإمام نص الشافعي أنه لا يقع الطلاق باطنا بعد الشهر فلو كان في الحلف بالله قبل ظاهرا أيضا قال أنت طالق ثلاثا للسنة وقال نويت تفريقها على الأقراء دين ولم يقبل ظاهرا لأن اللفظ يقتضي وقوع الكل في الحال إلا لقرينة بأن كان يعتقد تحريم الجمع في قرء واحد ولو لم يقل للسنة ففي المنهاج أنه كما لو قال والذي في الشرحين والمحرر أنه لا يقبل مطلقا ولا من يعتقد التحريم قال لامرأته وأجنبية إحداكما طالق وقال أردت الأجنبية قبل بخلاف ما لو قال عمرة طالق وهو اسم امرأته وقال أردت أجنبة فإنه يدين ولا يقبل تتمة استثنى مواضع يكتفى فيها باللفظ على رأي ضعيف منها الزكاة ففي وجه أو قول يكفي نيتها لفظا واستدل بأنها تخرج من مال المرتد ولا تصح نيته وتجوز النيابة فيها ولو كانت نية القلب متعينة لوجب على المكلف بها مباشرتها لأن النيات سر العبادات والإخلاص فيها قال ولا يرد على ذلك الحج حيث تجري فيه النيابة وتشترط فيه نية القلب لأنه لا ينوب فيه من ليس من أهل الحج وفي الزكاة ينوب فيها من ليس من أهلها كالعبد والكافر ومنها إذا لبى بحج أو عمرة ولم ينو ففي قول إنه ينعقد ويلزمه ما سمى لأنه التزمه بالتسمية وعلى هذا لو لبى مطلقا انعقد الإحرام مطلقا ومنها إذا أحرم مطلقا ففي وجه يصح صرفه إلى الحج والعمرة باللفظ والأصح في الكل أنه لا أثر للفظ وأما الأصل الثاني وهو أنه لا يشترط مع نية القلب التلفظ فيه ففيه فروع كثيرة منها كل العبادات ومنها إذا أحيا أرضا بنية جعلها مسجدا فإنها تصير مسجدا بمجرد النية ولا يحتاج إلى لفظ ومنها من حلف لا يسلم على زيد فسلم على قوم هو فيهم واستثناه بالنية فإنه لا يحنث بخلاف من حلف لا يدخل عليه فدخل على قوم هو فيهم واستثناه بقلبه وقصد الدخول على غيره فإنه يحنث في الأصح والفرق أن الدخول فعل لا يدخله الاستثناء ولا ينتظم أن يقول دخلت عليكم إلا على فلان ويصح أن يقال سلمت عليكم إلا على فلان وخرج عن هذا الأصل صور بعضها على رأي ضعيف منها الإحرام ففي وجه أو قول أنه لا ينعقد بمجرد النية حتى يلبي وفي آخر يشترط التلبية أو سوق الهدي وتقليده وفي آخر أن التلبية واجبة لا شرط لللانعقاد فعليه دم والأصح أنها لا شرط ولا واجبة فينعقد الإحرام بدونها ولا يلزمه شيء ومنها لو نوى النذر أو الطلاق بقلبه ولم يتلفظ لم ينعقد النذر ولا يقع الطلاق ومنها اشترى شاة بنية التضحية أو الإهداء لم تصر كذلك على الصحيح حتى يتلفظ ومنها باع بألف وفي البلد نقود لا غالب فيها فقبل ونويا نوعا لم يصح في الأصح حتى يبيناه لفظا وفي نظيره من الخلع يصح في الأصح لأنه يغتفر فيه ما لا يغتفر في البيع وفي نظيره من النكاح لو قال من له بنات زوجتك بنتي ونويا واحدة صح على الأصح ومنها لو قال أنت طالق ثم قال أردت إن شاء الله تعالى لم يقبل قال الرافعي والمشهور أنه لا يدين أيضا بخلاف ما إذا قال أردت إن دخلت أو إن شاء زيد فإنه يدين وإن لم يقبل ظاهرا قال والفرق بين إن شاء الله وبين سائر صور التعليق أن التعليق بمشيئة الله يرفع حكم الطلاق جملة فلا بد فيه من اللفظ والتعليق بالدخول ونحوه لا يرفعه جملة بل يخصصه بحال دون حال ومنها من عزم على المعصية ولم يفعلها أو لم يتلفظ بها لا يأثم لقوله إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل به ووقع في فتاوي قاضي القضاة تقي الدين بن رزين أن الإنسان إذا عزم على معصية فإن كان قد فعلها ولم يتب منها فهو مؤاخذ بهذا العزم لأنه إصرار وقد تكلم السبكي في الحلبيات على ذلك كلاما مبسوطا أحسن فيه جدا فقال الذي يقع في النفس من قصد المعصية على خمس مراتب الأولى الهاجس وهو ما يلقى فيها ثم جريانه فيها وهو الخاطر ثم حديث النفس وهو ما يقع فيها من التردد هل يفعل أو لا ثم الهم وهو ترجيح قصد الفعل ثم العزم وهو قوة ذلك القصد والجزم به فالهاجس لا يؤاخذ به إجماعا لأنه ليس من فعله وإنما هو شيء ورد عليه لا قدرة له ولا صنع والخاطر الذي بعده كان قادرا على دفعه بصرف الهاجس أول وروده ولكنه هو وما بعده من حديث النفس مرفوعان بالحديث الصحيح وإذا ارتفع حديث النفس ارتفع ما قبله بطريق الأولى وهذه المراتب الثلاثة أيضا لو كانت في الحسنات لم يكتب له بها أجر أما الأول فظاهر وأما الثاني والثالث فلعدم القصد وأما الهم فقد بين الحديث الصحيح أن الهم بالحسنة يكتب حسنة والهم بالسيئة لا يكتب سيئة وينتظر فإن تركها لله كتبت حسنة وإن فعلها كتبت سيئة واحدة والأصح في معناه أنه يكتب عليه الفعل وحده وهو معنى قوله واحدة وأن الهم مرفوع ومن هذا يعلم أن قوله في حديث النفس ما لم يتكلم أو يعمل ليس له مفهوم حتى يقال إنها إذا تكلمت أو عملت يكتب عليه حديث النفس لأنه إذا كان الهم لا يكتب فحديث النفس أولى هذا كلامه في الحلبيات وقد خالفه في شرح المنهاج فقال إنه ظهر له المؤاخذة من إطلاق قوله أو تعمل ولم يقل أو تعمله قال فيؤخذ منه تحريم المشي إلى معصية وإن كان المشي في نفسه مباحا لكن لانضمام قصد الحرام إليه فكل واحد من المشي والقصد لا يحرم عند انفراده أما إذا اجتمعا فإن مع الهم عملا لما هو من أسباب المهموم به فاقتضى إطلاق أو تعمل المؤاخذة به قال فاشدد بهذه الفائدة يديك واتخذها أصلا يعود نفعه عليك وقال ولده في منع الموانع هنا دقيقة نبهنا عليها في جمع الجوامع وهي أن عدم المؤاخذة بحديث النفس والهم ليس مطلقا بل بشرط عدم التكلم والعمل حتى إذا عمل يؤاخذ بشيئين همه وعمله ولا يكون همه مغفورا وحديث نفسه إلا إذا لم يتعقبه العمل كما هو ظاهر الحديث ثم حكى كلام أبيه الذي في شرح المنهاج والذي في الحلبيات ورجح المؤاخذة ثم قال في الحلبيات وأما العزم فالمحققون على أنه يؤاخذ به وخالف بعضهم وقال إنه من الهم المرفوع وربما تمسك بقول أهل اللغة هم بالشيء عزم عليه والتمسك بهذا غير سديد لأن اللغوي لا يتنزل إلى هذه الدقائق واحتج الأولون بحديث إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار قالوا يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول قال كان حريصا على قتل صاحبه فعلل بالحرص واحتجوا أيضا بالإجماع على المؤاخذة بأعمال القلوب كالحسد ونحوه وبقوله تعالى ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم على تفسير الإلحاد بالمعصية ثم قال إن التوبة واجبة على الفور ومن ضرورتها العزم على عدم العود فمتى عزم على العود قبل أن يتوب منها فذلك مضاد للتوبة فيؤاخذ به بلا إشكال وهو الذي قاله ابن رزين ثم قال في آخر جوابه والعزم على الكبيرة وإن كان سيئة فهو دون الكبيرة المعزوم عليها المبحث السادس

Tidak ada komentar:

Posting Komentar