Makalah Bahsa Arab

ملكيةالدولة في الاقتصاد الاسلام
من : محمد زمراني
وقد جعل الاسلام حب الملكية وجمع المال من الشهوات الاساسية كما قال تعالى (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) [1]  كما بين – صلى الله عليه وسلم- وهي حب المال والحرص على جمعه بقوله : " لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب "[2] ) وَفِي رِوَايَة : ( وَلَنْ يَمْلَأ فَاهُ إِلَّا التُّرَاب ) وَفِي رِوَايَة : ( وَلَا يَمْلَأ نَفْس اِبْن آدَم إِلَّا التُّرَاب ) . فِيهِ ذَمّ الْحِرْص عَلَى الدُّنْيَا وَحُبّ الْمُكَاثِرَة بِهَا وَالرَّغْبَة فِيهَا ، وَمَعْنَى ( لَا يَمْلَأ جَوْفه إِلَّا التُّرَاب ) أَنَّهُ لَا يَزَال حَرِيصًا عَلَى الدُّنْيَا َتَّى يَمُوت ، وَيَمْتَلِئ جَوْفه مِنْ تُرَاب قَبْره . وَهَذَا الْحَدِيث خَرَجَ عَلَى حُكْم غَالِب بَنِي آدَم فِي الْحِرْص عَلَى الدُّنْيَا ، وَيُؤَيِّدهُ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَيَتُوب اللَّه عَلَى مَنْ تَابَ ) وَهُوَ مُتَعَلِّق بِمَا قَبْله ، وَمَعْنَاهُ : أَنَّ اللَّه يَقْبَل التَّوْبَة مِنْ الْحِرْص الْمَذْمُوم وَغَيْره مِنْ الْمَذْمُومَات .[3]   كما نهي عن غصب المال والارض وحرم مصادرة الاموال من دون وجه او حق شرعي.   الملكية هى الأجر الطبيعى والمكافأة العادلة لمن يعمل ويجتهد لاستخراج الأرزاق للناس من الأرض.[4]  اعتبرت الارض وتملكها من القضايا المهمة في الاقتصاد الاسلام وتطوره نظرا لناثيرها الضخم على ايرادات الدولة الاسلامية. ولذالك فلا عجب ان ركز معظم الباحثين المسلمين على مبدا الملكية في كتب الاموال وكذالك ما اختص منها بالخراج. كما اهتم الباحثون بهذا الامر خاصة فى اواخر العصر العباسي وعصور المماليك نظرا لاستخفاف ولاة الامر بها وكثرة مصادرات اموال الناس طمعا فيها او تسديدا لحاجات الدولة كما استحوذ ذلك علر تحليل بعض الباحثين الغريبين وجعلوها احد المحاور الاساسية فى دراستهم لتطور التاريخ الاقتصادي للمسلمين وذالك حرصا على فهم كيفية معالجة الاسلام لموضوع الارض مقارنة بنظام الاقطاع في الغرب. كما ان هذا الامر مهم من حيث انه يشتمل على الكثير من التعقيد في طبيعة علاقات الملكية المبشابكة مثل علاقة المزارعين بالدولة او علاقتهم بالولي جامعي الضرائب وبالتلي فان فهم هذه العلاقة ليس فقط مهما نظرا لتاثيرها على ايرادات الدولة وانما لتاثير ها علي هيكل المحاصيل ونوعها وموسمها وبالتالي الناتج القومي للدولة المسلمة. كما ان اهمية الملكية تنبع من ان اشكال الملكية العقارية قد حكمت انماط العلاقات الانتاجية وكان لها دور في تحديد البيئة الاساسية للمجتمع وخاصة بناء السلطة وانماطها وطبيعة التغيرات السياسة او الاجتماعية فيها.
  ان الاسلام قسم الملكية الى ثلاثة انواع : الملكية الخاصة والملكية العامة و الملكية الدولة. واما الملكية الدولة فيتصرف بها ولي الامر بما يحقق مصالح الامة او مصالح مجموعة من الافراد هم اشد حاجة ويستطيع ان ينقل ملكيتها الى الافراد او يعطيهم حق الانتفاع بها لفترة معينة. وقد بذل الفقهاء جهودا كبيرة في تنظيم انواع الملكية من خلال بيان كيفية استغلالها والرقابة عليها. وبالتالي فان الملكية غير الخاصة تنقسم الي قسمين ملكية عامة (لا يمكن التصرف بها بالبيع او الانفاق مثل الانهار) وملكية لبيت المال (يجوز التصرف بها مع مراعة المصلحة العامة).
واما ملكية الدولة فقد برزت على شكل وسائل عدة سرعها الرسول –صلى الله عليه وسلم- واستنبط بعضها الخلفاء الراشدون من بعده مثل الاقطاع, الحمى.[5] وقد حمى[6] الرسول الله – صلى الله عليه وسلم- اراض زراعية ومساحة للرعى بقصد توفير الوسائل المناسبة لنمو المال العام والمحافظة عليه فعن الصعب بن جثامة – رضي الله عنه- ان رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال : "لا حمى الا لله ورسوله"[7] مثل قول عبد الله بن عمر : اشتريت إبلا وأنجعتها إلى الحمى فلما سمنت قدمت بها قال فدخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه السوق فرأى إبلا سمانا فقال لمن هذه الإبل قيل لعبد الله بن عمر قال فجعل يقول يا عبد الله بن عمر بخ بخ بن أمير المؤمنين قال فجئته أسعى فقلت ما لك يا أمير المؤمنين قال ما هذه الإبل قال قلت إبل أنضاء اشتريتها وبعثت بها إلى الحمى ابتغي ما يبتغي المسلمون قال فقال أرعوا إبل بن أمير المؤمنين اسقوا إبل بن أمير المؤمنين يا عبد الله بن عمر أغد على رأس مالك واجعل باقيه في بيت مال المسلمين هذا الأثر يدل على أن غير النبي صلى الله عليه و سلم ليس له أن يحمي لنفسه وفيه وفيما قبله دلالة على أن قول النبي صلى الله عليه و سلم لا حمى إلا لله ورسوله أراد به أن لا حمى إلا على مثل ما حمى عليه رسوله في صلاح المسلمين.[8]كونه بأن يقع في الحمى قال الحافظ في اختصاص التمثيل بذلك نكتة وهي أن ملوك العرب كانوا يحمون لمراعي مواشيهم أماكن مختصة يتوعدون من يرعى فيها بغير إذنهم بالعقوبة الشديدة فمثل لهم النبي صلى الله عليه و سلم بما هو مشهور عندهم فالخائف من العقوبة المراقب لرضا الملك يبعد عن ذلك الحمى خشية أن تقع مواشيه في شيء منه فبعده أسلم له ولو اشتد حذره وغير الخائف المراقب يقرب منه ويرعى من جوانبه فلا يأمن أن تنفرد الفاذة فتقع فيه بغير اختياره أو يمحل المكان الذي هو فيه ويقع الخصب في الحمى فلا يملك نفسه أن يقع فيه فالله سبحانه وتعالى هو الملك حقا وحماه محارمه ( ألا ) مركبة من همزة الاستفهام وحرف النفي لإعطاء معنى التنبيه على تحقق ما بعدها ( وإن لكل ملك حمى ) أي على ما كان عليه الجاهلية أو إخبار عما يكون عليه ظلمة الاسلامية.[9]
اعتمد نظام ملكية الأراضي في العهد العثماني على الأسس الإسلامية فإذا ما تم الفتح بعض حرب تبقى الأرض بأيدي أصحابها الأصليين شريطة دفع الخراج أما إذا تم الفتح عن طريق الحرب تصبح الأرض غنيمة بأيدي الفاتحين ويبقى الخمس لبيت المال.
وقد قسمت الأراضي إلى قسمين: أراضي ملكية فردية وأراضي ملكية عامة للدولة وطبق العثمانيون نظام الالتزام وذلك حتى تضمن الدولة الحصول على مقدار ثابت ومحدد من المال لصالح خزينتها وبقى هذا النظام حتى بداية التنظيمات العثمانية في النصف الأول من القرن التاسع عشر.
وبموجب نظام الالتزام كانت ملكية الأراضي تقوم على ركائز أساسية هي :الدولة- الإقطاعيونالمدنيون- العسكريون- الفلاحون ، فالدولة اعتبرت نفسها المالك الحقيقي للأرض ولها الحق في جمع الضرائب والرسوم والأعشار أما الإقطاعيون فكانت حيازتهم للأرض تتفاوت حسب مناصبهم العسكرية والإدارية وقد قسمت هذه الحيازات (الإقطاعيات) إلى ثلاثة أنواع:الثيمار والزعام والخاص
أنواع الأراضي في العهد العثماني:أصدرت الدولة العثمانية قانونا للأراضي عام 1858م ثم تبع ذلك إصدار العديد من القوانين اللاحقة فأصدرت لائحة تعليمات بحق سندات الطابو عام 1859م ثم نظام الطابو في نفس العام ثم إعلان قانون الطابو عام 1861م، وملحق نظام الطابو عام 1867م، ونظام تملك الأجانب عام 1869م، وبموجب هذا القانون. قسمت أراضي الدولة العثمانية إلى خمس أقسام:أولا: الأراضي المملوكة وهي الاراضي المملوكه ملكية خاصة والتي يتصرف بها صاحبها كيف شاء كما يتصرف بالمنقولات فله رقبتها وكافة حقوقها ويجوز له بيعها او رهنها او الايصاء بها كما انه يورثها لورثته الشرعيين فلا تعود إلى بيت المال بعد وفاته إلا إذا لم يوجد احد من ورثته.ثانيا :الاراضي الاميريه وهي الأراضي التي تعود ملكيتها لبيت المال وتشمل الأراضي الزراعية والمحاطب والمراعي والغابات وماشابه ذلك من ذات النفع، وكان يتصرف بها بإذن وتفويض من أصحاب الزعامة والثيمار، وأحيانا كان يستفاد من تلك الأراضي بإذن وتفويض من المحصلين والملتزمين إلا أن هذا الحق ألغى وأصبح التصرف بها بإذن من مأمور من قبل الدولة أي أن الدولة أصبحت الجهة الوحيدة المخولة بتحديد التصرف بهذه الأراضي فتبيع منها ما تريد بموجب سند طابو، وبين قانون الأراضي كيفية التصرف بالأراضي الأميرية فقد منع إحالة جميع أراضي قرية أو قصبة إلى هيئة جماعية أو إلى شخص أو شخصين بل تحال الأراضي لكل شخص من الأهالي بمفرده وتعطي سندات طابو لكل شخص مبينة فيها كيفية التصرف بالأرض، ويحق للمتصرف بالأرض الأميرية أن يزرع بها ما يراه مناسبا في مجال الاستثمار الزراعي ويمنع من زراعتها كروما أو أشجار مثمرة، كما لا يحق له وهبها للوقف دون إذن من الدولة، ووضع قانون الأراضي نصوصا تضمن عدم إهمال الأراضي الأميرية من قبل المتصرف بها وذلك بإبطال حقه في التصرف بها في حالة عدم تسديد الضرائب والرسوم عنها، وعدم زراعتها وفلاحتها لمدة 3 سنوات متتالية.ثالثا: الأراضي الموقوفة:وكانت معظم أراضي الأوقاف في العهد العثماني خلال القرن السادس عشر الميلادي وذلك خلال حكم السلطان سليمان القانوني وكانت تتكون بداية من الأراضي الأميرية التي حددها السلطان سليمان وما تبعه من سلاطين بالإضافة إلى الأراضي التي خصصها بعض الأغنياء أو الأراضي التي أوقفها بعض الفلاحين وخاصة بعد صدور التنظيمات للتهرب من دفع الضرائب والرسوم .وقد عانت أراضي الأوقاف خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر من الفوضى والفساد الذي لحق بأجهزة الدولة بشكل عام فقد تسلم إدارة الأوقاف أشخاص غير مؤهلين لذلك، فحاولت الدولة الحد من هذه الفوضى والفساد وذلك بأن أصبحت المسؤول المباشر عن أراضي الأوقاف، ومع ذلك استمر الفساد وحال دون تطبيق هذه الإجراءات نتيجة لإهمال القائمين على الأوقاف إذ قام الكثير من النظار بتحويل أملاك الأوقاف إلى أملاك خاصة وتسجيلها في سجلات التمليك ملكا لهم ثم انقلبت لورثتهم ولمن ابتاعها منهم وكان كل ذلك يتم بمعرفة دائرة الأوقاف.رابعا: الأراضي المتروكة:وهي الأراضي التي ترك حق الانتفاع بها لعامة الناس أو لأهالي قرية أو مجموعة قرى وقصبات تكون مشتركة فيها وقسمت الأراضي المتروكة وفق قانون الأراضي العثماني إلى قسمين1-الأراضي المتروكة لعامة الناس كالطرق والأسواق العامة والساحات والمسطحات المائية من بحار وبحيرات وأنهار وعيون ومجاري سيول الأودية وغير ذلك مما ترك لاستخدامات الناس.
2-
الأراضي التي تركت لأهالي قرية أو قصبة أو التي تركت لأهالي عدة قرى وقصبات كالمراعي والبيادر والمحتطبات والمشار.وبين قانون الأراضي كيفية استخدام الأراضي المتروكة إذ لا يحق لأي شخص أن يحدث أبنية أو يغرس أشجارا في الأماكن العامة المتروكة لعامة الناس وقام بذلك يهدم البناء ويقلع الشجر وذلك لأن التصرف في هذه الأماكن يعتبر تصرفا في ملك الغير، ومن الأمثلة على ذلك ما حدث في الخليل عام 1890م حيث أجبرت الحكومة رئيس بلدية الخليل عبد الله المحتسب على هدم ثلاثة دكاكين كان قد أقامها لنفسه في ساحة محله القزازين في المدينة.خامساً الأراضي الموات:وهي الأراضي الخالية والبعيدة عن العمران وليست بتصرف أحد والتي لم تترك ولم تخصص لأهالي القرى والقصبات كما أنها لم تكن بتصرف أحد بالطابو كالجبال وتبعد عن أقصى العمران مسافة ميل ونصف الميل أو نصف ساعة سيرا على الأقدام بحيث لا يسمع فيها صيحة الرجل الجهير الصوت.وسمح قانون الأراضي العثماني بإحياء هذه الأراضي من قبل الناس شريطة موافقة الحكومة على أن يكون إحياؤها في مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات وإذا لم يستصلحها خلال هذه المدة تؤخذ منه وتعطي لشخص آخر، أما إذا أحيا رجل أرضا مواتا بإذن الحكومة فعليه دفع بدل الطابو.


خلاصة:
تقوم هذه الرسالة على أن المالك هو الله تعالى "( له ملك السموات والأرض)("وبيده ملكوت كل شيء ) وقد اقترن حقه في الملك بقدرته على الخلق فهو يهب الحياة ويؤتي الملك من يشاء وهو يقبض الحياة وينزع الملك ممن يشاء)قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء"(وحق الله في التصور الإسلامي يتمثل في حق الجماعة بمايتفق مع غاية الشرع ومقاصده وغاية الشرع هي حفظ (الدين والنفس والعقل والمال والعرض,).الكليات الخمس وقد اعترف الإسلام للفرد بالتملك بشرط ان يراعي فيه حق الجماعة فلايجوز ان يتصرف بما يضر الجماعة بل ان حق الجماعة مقدم على حقه لان حقه جزء من حقها ومن اجل ذلك تقوم فكرة الملكية في الاسلام على انها حق لله استخلف الإنسان فيه ( وانفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه) وان هذا الحق يجب ان يوجه لخير المجتمع فالاسلام لايعتبر الملكية حقا مطلقا وانما هى وظيفة اجتماعية وعلى اساس هذا المبدأ أجاز الشرع لولي الامر "الدولة" حق التدخل في التوجيه والإرشاد في حسن استثمار الملكية بل اجاز له حق نزع هذه الملكية اذا اقتضت حاجة المجتمع ومصلحته بشرط التعويض العادل على المالك.




[1] آل عمران/14
[2] المعجم الأوسط للطبراني - (ج 6 / ص 449)
[3] شرح النووي على مسلم - (ج 4 / ص 2)
[4] مفهوم القدر والحريةعند أوائل الصوفية - (ج 1 / ص 44) المكتبة الشاملة
[5] الحمى هو احد انواع الملكية العامة, وذالك لغرض حماية الارض للمصلحة العامة خلال استخدامها كمرعي لابل الصدقة او تخزين المواد والبضائع واحيانا يطلق عليه حمي الموات. مقدمة في تاريخ الاقتصاد الاسلامي و تطوره, فؤد عبد الله عمر, 1424هجرية, رقم الايداع
[6] الْحِمَى : يقال أحْمَيْت المكان فهو مُحْمًى أي مَحْظُور لا يُقْرَب، وحَمَيْتُه حِماية إذا دَفَعْتَ عنه ومَنَعْتَ منه مَنْ يَقْرُبه معرفة السنن والآثار للبيهقي - (ج 10 / ص 182)
[7] المعجم الكبير للطبراني - (ج 7 / ص 82)
[8] سنن البيهقي الكبرى - (ج 6 / ص 147)
[9] تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 332)